تطور فن التراسل عبر الزمن: التهنئة بالعيد نموذجا

Öz

رسائل العيد هي كل رسالة كتبها شخص إلى شخص آخر سواء أكان بعيدا من حيث المسافة أم قريبا، وسواء أكان قريبا من حيث الآصرة أم بعيدا، وكان موضوعها بمناسبة تهنئة العيد، في البحث تناولنا هذا النثر الفني النادر من عدّة جوانب، حيث قاربناه من الناحية الأدبية مبرزين بعض الأسرار التي تخص أسلوبه، ثم تحدثنا عن خصائصه، فهو نوع أدبي جميل يهدف إلى توثيق الروابط الأخوية، وتقوية العلاقات، وتمتين الصّلات التي من شأنها أن تقرّب الناس من بعضهم البعض، ومن خلاله يستغل أهل الأدب فرصة تبادل التهنئة لكي يعبّروا عما يجول في خواطرهم. ثم تناولناه من جهة تطوره، فكما أن الأديب ابن بيئته، فهو يتماشى مع عصره، ويُطور أسلوبه حسبما تقتضيه المرحلة التي يعيش فيها، لذلك ففضلا عن تميز رسائل تهنئة العيد بالبناء الفني المُحكم، فإنها تتميز أيضا بتضمنها لعبارات الشوق والحنين، واحتوائها على الأسلوب الرفيع، إضافة إلى إرفاق صاحبها للهدية سواء كانت مادية مثل كتاب أو ملبس أو عطر أو غيره، أم معنوية مثل تضمينها لأبيات شعرية فيها مدح أو افتخار بالمرسَل إليه، أو للدعاء الصالح للمرسَل إليه بحلول تلك المناسبة المباركة. وبعد الحديث عن تطور ذلك الفن أدرجنا نماذج منه، وذلك أخذا من مجموعة من المؤلفات التي تهتم بفنّ الرسالة بشكل عام، فقطفنا مختارات منها لكي نُدلّل على براعة أهل الاختصاص في فنّهم. فظهر لنا في نهاية البحث مدى أهميته أولا لندرته وقلة من خاض في غماره، وكذا تشتت الرسائل في بطون الكتب، فكان لزاما علينا الاطلاع على مجموعة من كتب الأدب ولمّ بعض تلك الرسائل لنقدّمها للقارئ كنماذج على براعة هذا الفن النثري. وفي خاتمة البحث توصلنا إلى نتائج منها أن رسائل تهنئة العيد فنّ نثري جميل ازدهر في العصر العباسي وتطور حتى وصل إلى أوج قوته فظهر كتاب وأدباء تخصصوا فيه فأبدعوا بأجمل عباراتهم وبرعوا فيه بما يملكون من قرائح.